التضخم | التضخم الاقتصادي ,تعريف التضخم ,آثار التضخم , علاقة التضخم بالبطالة, منحنى فيليبس.
هل الأسعار في بلادكم مستقرة , هل ما يمكن أن تشتريه اليوم ب 100 قطعة نقدية من عملتكم هو نفس ما كنت تستطيع شراءه بنفس القيمة قبل 10 سنوات ؟ يقولون أن ما تشتريه اليوم ب100 دولار هو ما كان بإمكانك شراءه ب16 دولار عام 1950 م .
يقوم علماء الاقتصاد ببحث أسباب ارتفاع وانخفاض الأسعار و آثارها على الإقتصاد تحت مسمى استقرار الأسعار: وعن طريق موضوعين أساسيين هما التضخم وعكسه الإنكماش.
تعريف التضخم :
التضخم هو ارتفاع في مجمل مستوى الأسعار في اقتصاد ما.
كما يصنف البعض التضخم إلى :
1- تضخم مسحوب بالطلب:
أي أنه ينتج عن فائض في الطلب , أي أن الطلب الكلي أكبر من العرض الكلي , بمعنى آخر كمية كبية من النقود تطارد كمية أقل من السلع , مما يدفع المنتجين لرفع الأسعار , وهذا جزء مهم من جواب تساؤل كثير من الناس لماذا لا تقوم الحكومات بطباعة المزيد من النقود.
2- تضخم مدفوع بالعرض :
و هو نتيجة لارتفاع تكاليف الإنتاج كالأجور و المواد الأولية , مما يدفع المنتجين لرفع الأسعار وتخفيض الإنتاج.
معدل التضخم الطبيعي :
ينظر الاقتصاديون إلى التضخم الزاحف الذي يتراوح بين (1-3)% على أنه طبيعي في اقتصاد ينمو , بينما يعتبر التضخم ذو الخانتين مشكلة كبرى , و لكنها لا تقاس بالتضخم المتسارع أو التضخم الجامح,
التضخم المتسارع يشير إلى طيف واسع من معدلات التضخم ربما 20% او 100% وقد تعرضت عدة بلدان عام 2002 للتضخم المتسارع مثل الأرجنتين(25.9 %) و تركيا (45%) و فنزويلا(22.4%)
بينما يشير التضخم الجامح إلى معدلات تضخم ترتفع بشكل منلفت إلى الآلاف% أو أكثر, وقد ضرب التضخم الجامح عدة بلدان في بداية التسعينات من القرن العشرين مثل (البرازيل 2076% عام 1994 ), و روسيا (1735% عام 1992).
كيف يقاس معدل التضخم ؟ :
تحدثنا عن تعريف التضخم أنه ارتفاع في مجمل الأسعار في اقتصاد ما , ولكن كيف نوجد هذا المعدل بالضبط.
الرقم القياسي لأسعار المستهلك:
أولاً : يجب أن يكون هناك ما يسمى الرقم القياسي لأسعار المستهلك, و هو يقيس الارتفاع النسبي في سعر سلة سوق موحدة من السلع و الخدمات كل شهر, ثم مقارنتها مع الرقم القياسي لأسعار المستهلك في سنة محددة نسميها سنة الأساس.
فمثلاً ربما نحدد سنة 1985 هي سنة الأساس و فيها نعتبر أن 1 دولار يساوي 100% من قيمته فعند هذه النقطة يعتبر الرقم القياسي مساوياً لل 100.
ثم نقوم بمقارنة سلة السووق في عام 1985 المكونة من السلع و الخدمات المختلفة كالغذاء, والدواء, والسكن , والترفيه, وغيرها من آلاف السلع والخدمات, ثم مقارنتها مع سلة مماثلة في عام 2020 لنعلم مقدار التغير في أسعار المستهلك الحاصل.
الرقم القياسي للأسعار في سنة محددة = (تكلفة سلة السوق لتلك السنة / تكلفة سلة السوق لسنة الأساس)*100
حساب معدل التضخم :
الأرقام القياسية للأسعار هي أساس حساب التضخم, ويعرف التضخم هنا على أنه التغير النسبي السنوي في الرقم القياسي للأسعار.
ويحسب معدل التضخم في سنتين من خلال:
معدل التضخم = (الرقم القياسي للأسعار في السنة2/الرقم القياسي للأسعار في السنة2)*100.
مشاكل حساب التضخم عن طريق الرقم القياسي لأسعار المستهلك:
يعتقد البعض أن الرقم القياسي لأسعار المستهلك يبالغ بالمعدل الفعلي للتضخم, ولتقريب وجهة النظر نضرب مثالاً عائلتين , عائلة تعيش في عام 2000 وعائلة تعيش في عام 2020 , تقول وحهة النظر أنه في حال كان دخل الأسرة عام 2000 يساوي 10000$ سنوياً و عائلة 2020 يبلغ دخلها 20000$ سنوياً وبفرض أن أسعارسلة السوق عام 2020 كانت ضعف نفس سلة السووق في عام 2000, فهل هذا يعني أن العائلتين يعيشان في نفس مستوى الرفاهية؟
حسب وجهة نظر بعض الإقتصاديين الجواب هو لا, بل على الأغلب عائلة عام 2020 تعيش برفاهية وفق المعطيات السابقة أكثر من عائلة عام 2000, وذلك لما يلي:
1-التكيف مع الأسعار:
الرقم القياسي لأسعار المستهلك يقيس تكلفة شراء سلة محددة , لكن المستهلك غالباً ما يغير مزيج السلع التي يشتريها مع تقدم الزمن, فيترك ما غلى سعره نسبياً لصالح سلع أو خدمات أخرى قد تكون بديلاً عنه و لكنها أرخص نسبياً .
2- الإبتكار:
حالياً مع تزايد الإبتكار البشري وجدت الكثير من السلع التي لم نكن نستخدمها منذ 30 عاماً فلم يكن وقتهاالإنترنت يلعب هذا الدور الكبير , و ربما الأن بجهاز لوحي بسيط تختصر على نفسك شراء الراديو و التلفاز والهاتف الأرضي,فالإبتكارات تجعل مقدار محدد من النقود يساوي قيمة أكبر.
لهذين السببين يعتقد الكثيرون أن الرقم القياسي لأسعار المستهلك يبالغ نوعاً ما في التضخم, ولكنهم لم يتفقوا أو يحددوا نسبة هذه المبالغة , وحتى الآن يبقى الرقم القياسي لأسعار المستهلك أساس تقدير التضخم.
أثر التضخم على الاقتصاد :
دائماً ما يراود السياسين والاقتصاديين القلق عند ارتفاع معدلات التضخم , فلماذا هذا القلق و ما هو أثر التضخم على الاقتصاد , وما هي التكلفة التي يفرضها عليه.
1-فقدان القيمة الشرائية للنقود:
فالسلع والخدمات التي تستطيع شراءها قبل التضخم ب 100 قطعة نقدية, بعد التضخم بنسبة 20% ربما عليك دفع 120 قطعة نقدية لتقوم بشراء نفس السلع أو الخدمات .
2- التضخم يكبح الإستثمار :
إن عدم الاستقرار الذي يشوب قيمة العملة في التضخم غير الطبيعي, يشعر المستثمرين بعدم تأكد بما يخص القيمة الحقيقية للأرباح أو الفوائد التي سيحصلون عليها في المستقبل من استثمارهم, لتوقع فقدان النقود لقيمتها في السمتقبل
فمثلاً من يضع نقوده في البنك ليحصل فوائد أو يضعه في استثمار معين يتوقع منه عائد 14% سنوياً, ثم كان معدل التضخم الحاصل في البلاد تلك السنة 20% فإن الفوائد أو الربح الذي سيحصل عليه هو ربح وهمي, بينما في الحقيقة قد يكون خسر من رأس ماله الذي وضعه, فالعملة قد خسرت حوالي 20% من قيمتها الفعلية.
و بالتالي فإن حالة عدم التأكد التي تسود بسبب التضخم تجعل الدخول بعقود طويلة الأجل أمراً غير مرغوب به.
3- تكلفة جلد الحذاء :
الناس عادة ما يحتفظون بأموالهم بالعملة المحلية على شكل سيولة نقدية موجودة في محافظهم أو البنوك أو شيكات, ولكن ماذا يحصل إن خاف الناس من أن تفقد هذه العملة قيمتها , كيف يتعاملون فيما بينهم؟ , وكيف يحتفظون بهذه النقود؟.
هذا ما يحصل في فترات التضخم الجامح , النقود تفقد قيمتها بشكل سريع جداً كالذي حصل في ألمانيا في الفترة 1921-1923 حيث كان التجار يوظفون بعض العمال الذين وظيفتهم هي الجري بالنقود بعد إبرام الصفقات إلى البنوك ليقومو بصرفها و تحويلها لأي شيء يحفظ قيمتها كالعملات الأجنبية والمعادن النفيسة, قبل أن تفقد قيمتها
وهذا يؤدي إلى تكلفة زائدة بتوظيف هؤلاء العمال, إضافة لموظفي البنوك الذين تستدعي الحاجة زيادة عددهم أيضاً, ففي ألمانيا خلال هذه الفترة تضاعف عمال المصارف 3 أضعاف عمَّا كان قبل حصول التضخم الجامح.
وبسبب تكلفة العمال الذين يسارعون بالجري إلى البنوك بعد كل عملية بيع أطلق على هذه التكلفة تكلفة جلد الحذاء.
4- تكاليف القائمة :
لكل شيء تسعير , والتسعير لا يأتي لوحده لا بد من قرار برفع السعر أو تخفيضه, كما لا بد من تحديث الأسعار المعروضة على السلع , وهذا يؤدي إلى تكلفة زائدة في الاقتصاد ككل, وخاصة إن كان كوضع التضخم الجامح في ألمانيا حيث كان العمال يقضون نصف وقتهم بتحديث القوائم السعرية على المنتجات .
5- تكلفة وحدة الحساب :
دور العملة كأساس للتعاقد و الحسابات يسمى وظيفة النقود كوحدة حساب, وهي وظيفة هامة في الاقتصاد الحديث , لكن هذا الدور يمكن أن يتآكل بسبب التضخم , الذي يتسبب بتغير القوة الشرائية للنقود عبر الزمن, ونتيجة ذلك هي انخفاض جودة القرارات الاقتصادية, أي أن الاقتصاد ككل يستخدم الموارد بكفاءة أقل بسبب عدم التأكد الذي يسببه التغير في وحدة الحساب و التي هي العملة .
هناك أهمية خاصة لوحدة الحساب في النظام الضريبي . فلنفرض أن شركة اشترت قطعة أرض ب 100000 وكان معدل التضخم 10% ثم باعته بعد سنة ب 110000 فسيحسب لها ربح بقيمة 10000, و يتم سحب ضريبة عليه رغم أنها فعلياً لم تربح شيئاً فال 110000 بعد تضخم 10% يساوي القوة الشرائية لل 100000 قبل التضخم.
علاقة التضخم والبطالة (منحنى فيليبس) :
يفترض فيليبس أن العلاقة بين التضخم و البطالة علاقة عكسية , فكلما ارتفع نسبة البطالة انخفض التضخم , والعكس صحيح , وتبرير ذلك أن انخفاض البطالة وتوظيف المزيد من العمال يكثر من كمية النقود الموجودة مما يزيد الطلب و أيضاً يرفع تكلفة الإنتاج و تزيد الأسعار فكيف يتم ذلك.
لنفرض الحالة التالية , جميع المتقدمين لمكاتب التوظيف حصلوا على وظيفة وانخفضت البطالة لأدنى مستوياتها , ما الذي سيحصل ؟
ستحصل بعض الأمور البديهية في علم الاقتصاد سينخفض عرض العمل (أي الأشخاص الذين يعرضون جهدهم مقابل الراتب) وسيصبح طلب الشركات على العمل أكبر من العرض, و ستحاول الشركات عدم التفريط بالعمال, عندها و الحفاظ عليهم بزيادة الراتب , هذه الزيادة جعلت الأموال في أيدي الناس أكثر وفي نفس التوقيت رفعت من تكلفة الإنتاج, و كي تعوض الشركات تكلفة الإنتاج المرتفعة ستقوم بزيادة الأسعار, وبالتالي حصل لدينا التضخم, هذا بكل بساطة ما يعبر عنه فيليبس بالعلاقة العكسية بين البطالة والتضخم.
ولكن هل نظرية فيليبس صالحة دائماً ؟
هذا لا يزال محط جدل الكثير من الاقتصاديين بين من أعلن موتها وانتهاء صلاحيتها , وبين من قال أنها علاقة مؤقتة على المدى القصير , أما على المدى الطويل فإنها غير صالحة , بسبب تكيف العمال والشركات مع التضخم و أسباب أخرى لن ننقاشها الآن كي لا تطول المدونة أكثر, وبين من قال بصلاحيتها حتى يومنا الحاضر, وكان سبب هذه الشكوك و مراجعة النظرية هو الركود التضخمي الذي حصل في سبعينيات القرن الماضي , حيث ترافقت معدلات عالية من التضخم مع معدلات عالية من البطالة.
يمكنك قراءة المزيد عن البطالة في مقال لنا على هذه المدونة بعنوان : البطالة | أنواعها , و العوامل المؤثرة على انخفاض و ارتفاع معدل البطالة.
شكراً لكم لإكمالكم القراءة.
تعليقات
إرسال تعليق